علي حافة السور الإسمنتي لسطح واحدة من أطول بنايات الأسكندرية أقف فاردة ذراعي، محتضنة العالم بأكمله مستعدة للطيران. من هذه النقطة، من هنا، يبدو كل شيء ضئيلا للغاية، يبدو تافهًا، تضمحل الاختلافات، تتلاشى تماما، لا فرق بين صغير وكبير، أبيض و أسود، غني وفقير. لا يمكنك أن تميز بين رجل و امرأة، شاب و كهل، من هنا أرى الجميع متساوين، أو هكذا يبدون . بعيدا عن الضجيج، عن الزحام، عن البذاءات و الشتائم وأبواق السيارات. بعيدا عن الهواء المحمل بالأتربة والعوادم و الكراهية. بعيدًا عن الأرض المثقلة بالهموم و الأوجاع، السلبية و البغضاء. بعيدًا عن الدنيا. أقرب كثيراً إلى السماء، سماء البنفسج. من هذه النقطة سأقفز مغمضة العينين، كي لا أشاهد كل ذلك، كي تكون آخر صورة في ذهني صافية، جميلة حد المستحيل، خالية من كل تلك العيوب و الشوائب، كي تكون الصورة من هنا، أشبه كثيرا بالجنة.
لم يتم تقديم أي مراجعة حتى الآن!